شركات صناعة الهواتف الذكية التي نشهد لحظاتها الأخيرة
كنا قد تحدثنا مسبقًا عن كيف وقعت صناعة أندرويد كلها في ورطة، وذلك بسبب أنه نظام مفتوح المصدر يمكن لأي شركة الاستعانة به في تشغيل هواتفها، ولأن هناك عدة شركات ناشئة – وخاصة صينية – قد دخلت مجال صناعة الهواتف الذكية وقدمت منتجات رخيصة نسبيًا بمواصفات عتادية مقبولة ومنافسة، فهددت عروش كبرى الشركات، واستطاعت أن تأخذ حصة لا بأس بها من السوق العالمي، مما أصاب بعض الشركات بخسائر فادحة على الرغم من تقديمهم لهواتف متميزة وعالية الجودة.
وللأسف هناك أسماء لامعة في عالم الهواتف الذكية آن لها أن تخبو وينطفئ نجمها، ولن تستطيع النهوض مرة أخرى إلا بتقديم شيء مختلف تمامًا وبسعر منافس جدًا، شيء أشبه بمعجزة، ولكن السوق لا يرحم، والمجال قد ازدحم بشكل مبالغ فيه، حتى أن المستهلك يقف الآن حائرًا بين عشرات الأسماء، لا يعلم ما الجيد ليقتنيه وما السيء ليبتعد عنه، ولهذا قمت بكتابة مقالًا يساعد المشتري على اختيار الهاتف الأنسب له خلال الفترة الحالية على الأقل قبل ظهور أي مستجدات أخرى على الساحة.
ومن أبرز الأسماء الضخمة التي لا يُستبعد ألا نراها مجددًا في عالم الهواتف الذكية قريبًا: بلاكبيري – سوني – HTC، كل شركة منهم تقوم بمحاولاتها الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه للتشبث بهذا السوق…
Blackberry
أسباب تراجع بلاكبيري في سوق الهواتف كان تمسكها بشكل الهواتف التقليدي، وكانت في وقت ما هي المنافس الأوحد لهواتف أيفون، فإن أردت هاتفًا ذكيًا كان عليك المفاضلة بين آيفون وبلاكبيري حسبما تفضل، شاشة لمسية أم شاشة عادية ولوحة مفاتيح كاملة، ولكن اتجه المستخدمون لآيفون، وفهمت بقية الشركات اللعبة، وبدأت في إنتاج الهواتف ذات الشاشات اللمسية.
ولكن بلاكبيري تعنتت، وظلت على حالها بشكلها التقليدي، حتى أدركت فداحة الأمر، وبدأت هي الأخرى في إنتاج هواتف بشاشات لمسية، ولكن متأخرًا جدًا، وعلى الرغم من أبرز ما تتميز به الشركة، الأمان، إلا أن المستخدمين لم يهمهم هذا الأمر قدر اهتمامهم بتجربة استخدام مريحة وعصرية أكثر.
وفي محاولاتها الأخيرة نرى أن بلاكبيري قدمت هاتفها الأحدث Blackberry Priv والذي وضعت فيه كل ما يمكن أن تتخيله في سوق الهواتف، كأنها تحاول أن تستقطب جميع المستخدمين بأن تقول لهم: “أيًا كان استخدامكم فستجدونه في هذا الهاتف”.
التصميم الأنيق، الهيكل الفاخر، العتاد القوي مما يجعله من أبرز الهواتف الرائدة، الشاشة المنحنية التي خلبت لب الجميع منذ إطلاق هواتف Edge من سامسونج، الجمع بين الشاشة اللمسية ولوحة المفاتيح الفعلية التي لطالما تميزت بها، حتى أنها هجرت نظام بلاكبيري الذي تم إهماله تمامًا من قبل المطورين وجعلت الهاتف يعمل بنظام أندرويد بكل قوته ومرونته وتطبيقاته الكثيرة والمتعددة، وأضافت أيضًا لمسة الخصوصية والأمان الخاصة بها.
ماذا سيريد المستخدم أكثر من ذلك؟ هذا ما تود بلاكبيري قوله للمستخدم، وهذا ما تحاول به محاولتها الأخيرة، والتي إن فشلت فلربما لن ترى هواتفها مجددًا في المتاجر، فهل ستنجح؟
Sony
على عكس بلاكبيري، فليس هناك الكثير مما تستطيع تقديمه سوني في هواتفها لأنها بالفعل تقدم أفضل ما يمكنها بهم، ولكنها مازالت تعطي لنفسها الفرصة، وذلك حتى العام القادم 2016 – حسب تصريح رسمي من الشركة – وإن ظلت الخسائر تتوالى بهذا الشكل، فإنها النهاية لا ريب.
من أبرز أسباب خسارة سوني هي سياسة إنتاج الهواتف الرائدة كل 6 أشهر، وهي المدة القليلة للغاية ليدرك المستخدم بعدها أن هاتفه لم يعد الأحدث ولا الأقوى من الشركة. ويترتب أيضًا على ذلك هبوط قيمة الهواتف الرائدة بسرعة عند بيعها، أي خسارة فادحة تصيب المستخدم الذي يريد استبدال هاتفه وسيعتمد على العائد الذي سيأتيه من بيع هاتفه.
كما أن ضعف ألوان شاشات هواتف سوني مقارنة بالمنافسين كان أحد عوامل عزوف المستخدمين عنها، فالألوان ليست سيئة، ولكنها لن تكون أبدًا الفائزة في اختيار المستخدم لهاتفه حسب جودة الشاشة.
وفي محاولاتها الأخيرة قامت سوني بإصدار هواتفها الأحدث Sony Xperia Z5 و Sony Xperia Z5 Compact و Sony Xperia Z5 Premium، وتعتمد سوني على عدة عوامل قوة – يبدو أنها غير كافية – لتتميز هواتفها عن بقية المنافسين وهي: مقاومة هواتفها للماء، وبطاريتها القوية التي تصمد ليومين كاملين، وبالطبع الهواتف السابق ذكرها تحتوي على أحدث العتاد وأقواه، ولكن ما زادته سوني هذه المرة في محاولة الخروج من المأزق، هو شاشة عرض بدقة 4K لهاتف Z5 Premium.
ولكن هل سيكفي هذا؟ شخصيًا، لا أعتقد، خاصة بعدما علمنا بأن دقة 4K لن تعمل إلا في حالات معينة فقط، وباقي استخدام الهاتف حتى في الألعاب ستكون الدقة هي Full HD، هذا إن اعتبرنا أن هناك فائدة من الأساس لدقة 4K. كما أن الخبر الصادم هو تراجع سوني عن دعايتها لعدة سنوات حول مقاومة هواتفها للماء، لتشدد على أن هذا يحدث في ظروف معينة فقط، وأنها لا تنصح بتعريض الهاتف للماء!
HTC
شركة HTC تصنع هواتف رائعة، يعيبها فقط في معظم الأوقات البطارية والكاميرا، ولكن عن تجربة فهي هواتف تستحق الاقتناء، من فخامة مواد التصنيع والتصميم الأنيق، حتى العتاد القوي وسلاسة التعامل مع الهاتف وواجهة Sense الجميلة. ولكن على الرغم من كل هذا فإن الشركة تهوى إلى القاع، أو هوت بالفعل إن شئنا الدقة.
انتعشت الشركة لمدة قصيرة مع ارتفاع مبيعات هاتفيها HTC One M7 و HTC One M8، وكان الأخير هو أفضل ما انتجت الشركة فعلًا وحاذ على إعجاب الجميع، وفاز بأفضل هاتف للعام في أغلب المواقع التقنية، ولكنها عادت مجددًا إلى ساحة الخسارة مع إصدار هاتفها HTC One M9 الذي لم يقدم أي جديد يذكر عن سابقه، كان خيبة أمل كبيرة لعشاق الشركة الذين كانوا يودون منها الإسراع في عجلة الإبداع بعدما ارتقت بها من خلال هاتفين، ولكن كأنها قد أتت بكل ما في جعبتها من خلال هاتف M8 فلم يبق شيئًا ذا قيمة لتقدمه.
حاولت الشركة الإسراع بتصحيح الخطأ عن طريق إطلاق هاتف HTC One M9+ والذي احتوى على مواصفات متفوقة عن الإصدار الأصلي، ولكنه جاء كخطوة متأخرة بعدما قدمت عدة شركات هواتف قوية تحمل نفس المواصفات، بما يجعل HTC لم تقدم أي جديد يذكر مرة أخرى!
والآن في محاولاتها الأخيرة أطلقت هاتفها الجديد HTC One A9، وللعجب فإن الهاتف ليس من فئة الهواتف الرائدة، بل هو من فئة الهواتف المتوسطة، في مخاطرة لا أعلم إن كانت محسوبة أم أن الشركة تدرك ما تفعله حقًا. الهاتف مميز بالنسبة لهاتف من الفئة المتوسطة، السعر مقابل الإمكانيات جيد جدًا، والتصميم المشابه لتصميم آيفون 6 – الذي هو أصلا تصميم مشابه لتصميم HTC One M7 – أثار ضجة كبيرة بين المستخدمين، ولكن دعنا من قصة التصميم لأن في الأساس هناك اتفاقية بين أبل و HTC حول تبادل براءات الاختراع بدون مشاكل وبحرية تامة.
يعيب الهاتف بطاريته الصغيرة، ولكن عدا عن ذلك فهناك مميزات كثيرة ربما نفرد لها مقالًا خاصًا لشرحها، ويمكنك الاطلاع على مواصفاته العتادية بالطبع من خلال هذا الرابط GSMARENA.
فهل ستنجح تلك الأسماء الضخمة في تجاوز خسائرها لتصعد مرة أخرى على الساحة، أم النهاية أصبحت محتومة ومقدرة؟
شركات صناعة الهواتف الذكية التي نشهد لحظاتها الأخيرة
Reviewed by Unknown
on
1:03 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: