هاتفك الذكي يعرف إذا كنت تشعر بالضجر

مجموعة من الباحثين تدرس كيفية استخدام الناس لهواتفهم من أجل معرفة ما إذا كانوا يشعرون بالملل، ومن ثمّ اقترحت عليهم مطالعة مقال على موقع بازفيد BuzzFeed.

  

علينا اليوم أن نضيف "جهاز رصد الملل" إلى لائحة وظائف هواتفنا المحمولة التي تكاد لا تنتهي. فقد أعلنت مجموعة من الباحثين أنها قامت بتطوير خوارزمية  ترصد شعورنا بالملل من خلال تفحّص نشاطنا على هواتفنا الذكية، آخذةً بعين الاعتبار عوامل متعددة كموعد آخر اتصال تلقيناه أو آخر رسالة نصية وصلتنا، وساعات النهار المختلفة ومدى استخدامنا لهاتفنا.

وسيقدم العمل الذي أجرته مجموعة من الباحثين العاملين لدى شركة تيليفونيكا Telefonicaللبحوث في مدينة برشلونة الإسبانية، ضمن فعاليات مؤتمر تقنيات الكمبيوتر البارز "يوبيكومب" UbiComp الذي سيقام في اليابان الأسبوع المقبل. اكتشف الباحثون أن دراسة هذا النوع البيانات يعطينا توقعات موثوق بها بشأن الشعور بالملل لغاية 83 في المئة من الأحيان. وقد تمكّن الباحثون أيضًا من التقدم خطوة إضافية فصاروا قادرين على إرسال إشعار لمستخدمي الهواتف الذكية الضجرين بإمكانية مطالعة مقال على موقع "بازفيد" الإلكتروني BuzzFeed، الذي تبيّن بحسب البيانات المجموعة أنه يُستخدم في أغلب الأحيان من قبل أشخاص يحسب أنهم ضجرين مقارنة بالأشخاص غير الضجرين.

ومع أن استخدام التعلّم الآلي لاستنتاج مزاجنا فيه شيء من الصعوبة، إلا أن التمكن من ذلك بشكلٍ موثوق به بواسطة الهواتف الذكية إنجاز بحد ذاته. فمثلاً، لو توفر تطبيق قادر على توقع شعورنا بالملل، ومعرفة مكان تواجدنا، قد يحاول إرسال مواد للقراءة أو المشاهدة يعتقد أنها ستعجبنا في هذه الحالة بالذات. شركة ناشئة واحدة على الأقل شرعت في محاولة القيام بمشروع مشابه ألا وهي شركة "تريغرهود" Triggerhood التي تعمل على تطوير برنامج إلكتروني software يمكّن التطبيقات المختلفة من جمع البيانات بشأن كيفية استخدامنا للهواتف الذكية ويحدد التوقيت المناسب لإرسال الإشعارات إلينا.

وفي العودة إلى فريق الباحثين لدى شركة تيليفونيكا، استطاع هؤلاء في دراستهم أوّلاً تحديد خصائص الشعور بالضجر عبر استخدام تطبيق على نظام أندرويد Android يطلب من المشاركين في الدراسة تقدير نسبة مللهم مرات عدّة في اليوم على مدى أسبوعين. ومن بعدها تمت مقارنة الإجابات ببيانات أخرى تم الاستحصال عليها من الهواتف. وتحدد هذه البيانات  مقاييس مثل عدد التطبيقات المستخدمة، ومدى استخدام الهاتف بشكلٍ عام (بحسب هذه البيانات يرتفع معدّل هذين المقياسين عندما يشعر المستخدمون بالملل).

ولإثبات فعالية الخوارزمية التي توصلوا إليها، قام الباحثون ببناء تطبيق على نظام التشغيل أندرويد استنتج بمفرده ما إذا كان المستخدم ضجِرًا، وفي هذه الحالة كان يرسل هذا التطبيق إشعارًا إلى هواتفهم سائلاً إياهم ما إذا كانوا يرغبون بقراءة مقال على تطبيق أخبار موقع بازفيد. إضافة إلى ذلك، استخدمت مجموعة أخرى من المشاركين في الدراسة هذا التطبيق على مدى أسبوعين، ولحظ الباحثون أن أولئك الذين تحدد أنهم يشعرون بالملل، ميالون أكثر إلى فتح الإشعار وقراءة المقال، وإمضاء وقت أطول في النظر إليه من الذين تم إرسال إشعار إليهم بشكلٍ عشوائي.

عمل طالب الدراسات العليا في جامعة شتوتغرت University of Stuttgart يدعى تيلمان دينغلرTilman Dingler ضمن فريق هذه الدراسة وشارك في كتابة المقالة البحثية الخاصة بها كباحث زائر في شركة تيليفونيكا السنة الماضية. وأعلن أن الباحثين يسعون اليوم إلى معرفة المزيد حول عن أنواع المحتويات التي قد يرغب الناس في الاطلاع عليها عندما يشعرون بالملل، وما إذا قد تتضمن أنشطة تعليمية أيضًا كتحسين مستواهم في اللغة الإسبانية على سبيل الذكر لا الحصر.

ولكن لا بد من الإشارة إلى صعوبة إقناع الناس باستخدام تطبيقات أو خدمات وظيفتها تحليل كميات من البيانات المرتبطة بسلوكهم. إضافة إلى ذلك، تطرح تساؤلات عن مدى دقة قدرة الباحثين على توقع الشعور بالضجر، بما أنهم جمعوا البيانات الأولية من خلال الطلب إلى الناس مرات عدّة التبليغ عن مدى شعورهم بالملل. وفي هذا السياق، أشار محمد إحسان هوك M. Ehsan Hoque، وهو أستاذ مساعد في علوم الكمبيوتر في جامعة روتشستر University of Rochester، يعمل كمدير مساعد في مختبر التفاعل بين البشر والكمبيوتر التابع للجامعة، إلى أن هذه الطريقة في جمع البيانات قد لا تستطيع تحديد "الملل الحقيقي" فحالاتنا النفسية لا شعورية في أغلب الأحيان. ويضيف أن يمكن قياس ذلك بطريقة أكثر موضوعية عبر الطلب إلى المشاركين مرات عدّة ما إذا كانوا يرغبون بتجربة لعبة على هواتفهم وتسجيل عدد المرات التي يوافقون فيها ومدة لعبهم.

وعلى الرغم من ذلك، عبّر هوك عن اهتمامه بما قد ينتج عن هذه الدراسة لأنه تظهر قيام الباحثين بدراسة إحدى الحالات النفسية بواسطة بيانات الهواتف الذكية. ويضيف "نعرف أن الضجر يؤدي إلى الاكتئاب، وبالتالي إذا استطعنا استنتاج أن الشخص مكتئب، سيصبح بإمكاننا معالجة المشكلة".